تفسير سورة الدخان كاملة
سورة الدخان{مِنْ مَقَاصِدِ السُّورَةِ}
-مكية-
الإنذار بالعذاب المرتقب، من خلال تخويف المكذبين من عذاب الدنيا والآخرة.
{التَّفْسِيرُ}
1 - {حم} تقدم الكلام على نظائرها في بداية سورة البقرة.
2 - أقسم الله بالقرآن الموضح لطريق الهداية إلى الحق.
3 - إنا أنزلنا القرآن في ليلة القدر، وهي ليلة كثيرة الخيرات، إنا كنا مخوِّفين بهذا القرآن.
4 - في هذه الليلة يفصل كل أمر محكم يتعلق بالأرزاق والآجال وغيرهما مما يحدثه الله تلك السنة.
5 - نفصل كل أمر محكم من عندنا، إنا كنا باعثين الرسل.
6 - نبعث الرسل رحمة من ربك -أيها الرسول- لمن أرسلوا إليهم، إنه سبحانه هو السميع لأقوال عباده، العليم بأفعالهم ونياتهم، لا يخفى عليه شيء من ذلك.
7 - رب السماوات ورب الأرض ورب ما بينهما إن كنتم موقنين بذلك فآمنوا برسولي.
8 - لا معبود بحق غيره، يحيي ويميت، لا محيي ولا مميت غيره، ربكم ورب آبائكم المتقدمين.
9 - ليس هؤلاء المشركون بموقنين بذلك، بل هم في شك منه يلهون عنه بما هم فيه من الباطل.
10 - فانتظر -أيها الرسول- عذاب قومك القريب يوم تأتي السماء بدخان واضح يرونه بأعينهم من شدة الوجع.
11 - يعمّ قومك، ويقال لهم: هذا العذاب الذي أصابكم عذاب موجع.
12 - فيتضرعون إلى ربهم سائلين: ربنا اصرف عنا العذاب الذي أرسلته علينا، إنا مؤمنون بك وبرسولك إن صرفته عنا.
13 - كيف لهم أن يتذكروا وينيبوا إلى ربهم وقد جاءهم رسول بيّن الرسالة، وعرفوا صدقه وأمانته؟!
14 - ثم أعرضوا عن التصديق به، وقالوا عنه: هو معلَّم يُعلِّمه غيره وليس برسول، وقالوا عنه: هو مجنون.
15 - إنا حين نصرف عنكم العذاب قليلًا، إنكم عائدون إلى كفركم وتكذيبكم.
16 - وانتظرهم -أيها الرسول- يوم نبطش بكفار قومك البطشة الكبرى يوم بدر، إنا منتقمون منهم لكفرهم بالله وتكذيبهم رسوله.
17 - ولقد اختبرنا قبلهم قوم فرعون، وجاءهم رسول من الله كريم يدعوهم إلى توحيد الله وعبادته، وهو موسى - عليه السلام -.
18 - قال موسى لفرعون وقومه: اتركوا لي بني إسرائيل، فهم عباد الله، ليس لكم حق أن تستعبدوهم، إني لكم رسول من الله، أمين على ما أمرني أن أبلغكم، لا أنقص منه شيئًا ولا أزيده.
{مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ}
• نزول القرآن في ليلة القدر التى هي كثيرة الخيرات دلالة على عظم قدره.
• بعثة الرسل ونزول القرآن من مظاهر رحمة الله بعباده.
• رسالات الأنبياء تحرير للمستضعفين من قبضة المتكبرين.
19 - وألا تتكبروا على الله بترك عبادته، والاستعلاء على عباده، إني آتيكم بحجة واضحة.
20 - وإني اعتصمت بربي وربكم من أن تقتلوني بالرجم بالحجارة.
21 - وإن لم تصدقوا بما جئت به فاعتزلوني، ولا تقربوني بسوء.
22 - فدعا موسى - عليه السلام - ربه: أن هؤلاء القوم -فرعون وملأه- قوم مجرمون يستحقّون تعجيل العقاب.
23 - فأمر الله موسى أن يسري بقومه ليلًا، وأخبره أن فرعون وقومه سيتبعونهم.
24 - وأمره إذا اجتاز البحر هو وبنو إسرائيل أن يتركه ساكنًا كما كان، إن فرعون وجنده مهلكون بالغرق في البحر.
25 - كم خلَّف فرعون وقومه وراءهم من بساتين وعيون جارية!
26 - وكم خلَّفوا وراءهم من زروع ومجلس حسن!
27 - وكم خلَّفوا وراءهم من عيشة كانوا فيها متنعّمين!
28 - هكذا حدث لهم ما وُصِفَ لكم، وأورثنا جناتهم وعيونهم وزروعهم ومقاماتهم قومًا آخرين هم بنو إسرائيل.
29 - فما بكت على فرعون وقومه السماء والأرض حين غرقوا، وما كانوا مُمْهَلين حتى يتوبوا.
30 - ولقد أنقذنا بني إسرائيل من العذاب المُذِل، حيث كان فرعون وقومه يقتلون أبناءهم، ويستحيون نساءهم.
31 - أنقذناهم من عذاب فرعون، إنه كان مستكبرًا من المتجاوزين لأمر الله ودينه.
32 - ولقد اخترنا بني إسرائيل على علم منا على عالمي زمانهم لكثرة أنبيائهم.
33 - وأعطيناهم من الدلائل والبراهين التي أيّدنا بها موسى ما فيه نعمة ظاهرة لهم كالمنّ والسلوى وغيرهما.
34 - إن هؤلاءالمشركين المكذبين ليقولون منكرين للبعث:
35 - ما هي إلا موتتنا الأولى فلا حياة بعدها، وما نحن بمبعوثين بعد هذه الموتة.
36 - فأت -يا محمد- أنت ومن معك من أتباعك بآبائنا الذين ماتوا أحياء إن كنتم صادقين فيما تدّعونه من أن الله يبعث الموتى أحياء للحساب والجزاء.
37 - أهؤلاء المشركون المكذبون بك -أيها الرسول- خير في القوة والمنعة، أم قوم تُبَّع والذين من قبلهم مثل عاد وثمود - أهلكناهم جميعًا، إنهم كانوا مجرمين.
38 - وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين بخلقها.
39 - ما خلقنا السماوات والأرض إلا لحكمة بالغة، ولكن معظم المشركين لا يعلمون ذلك.
{مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ}
• وجوب لجوء المؤمن إلى ربه أن يحفظه من كيد عدوّه.
• مشروعية الدعاء على الكفار عندما لا يستجيبون للدعوة، وعندما يحاربون أهلها.
• الكون لا يحزن لموت الكافر لهوانه على الله.
• خلق السماوات والأرض لحكمة بالغة يجهلها الملحدون.
40 - إن يوم القيامة الذي يفصل الله به بين العباد ميعاد للخلائق جميعًا يجمعهم الله فيه.
41 - يوم لا ينفع قريب قريبه، ولا صديق صديقه، ولا هم يمنعون من عذاب الله؛ لأن الملك يومئذ لله، لا أحد يستطيع ادعاءه.
42 - إلا من رحمه الله من الناس، فإنه ينتفع بما قدم من عمل صالح إن الله هو العزيز الذي لا يغلبه أحد، الحكيم في خلقه وقدره وتدبيره.
ولما ذكر الله القيامة ذكر افتراق الناس فيها حسب الجزاء، فقال:
43 - إن شجرة الزقوم التي أنبتها الله في أصل الجحيم.
44 - طعام ذي الإثم العظيم وهو الكافر يأكل من ثمرها الخبيث.
45 - هذا الثمر مثل الزيت الأسود، يغلي في بطونهم من شدة حرارته.
46 - كغلي الماء المتناهي في الحرارة.
47 - ويقال لزبانية النار: خذوه فجرّوه بعنف وغلظة إلى وسط الجحيم.
48 - ثم صبوا فوق رأس هذا المُعَذَّب الماء الحار فلا يفارقه العذاب.
49 - ويقال له تهكُّمًا: ذق هذا العذاب الأليم؛ إنك أنت العزيز الذي لا يُضام جنابك الكريم في قومك.
50 - إن هذا العذاب هو الذي كنتم تشكّون في وقوعه يوم القيامة، فقد زال عنكم الشك بمعاينته.
51 - إن المتقين لربهم بامتثال أوامره واجتناب نواهيه في موضع إقامة آمنون من كل مكروه يصيبهم.
52 - في بساتين وعيون جارية.
53 - يلبسون في الجنة رقيق الديباج وغليظه، يقابل بعضهم بعضًا، ولا ينظر أحدهم قفا الآخر.
54 - كما أكرمناهم بذلك المذكور زوجناهم في الجنة بالحسان من النساء واسعات الأعين مع شدّة بياض بياضها وشدّة سواد سوادها.
55 - يدعون خدمهم فيها ليأتوهم بكل فاكهة أرادوها آمنين من انقطاعها، ومن مضارّها.
56 - خالدين فيها، لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى في الحياة الدنيا، ووقاهم ربهم عذاب النار.
57 - تفضلًا وإحسانًا من ربك بهم، ذلك المذكور -من إدخالهم الجنة , ووقايتهم من النار- هو الفوز العظيم الذي لا يدانيه فوز.
58 - فإنما يسّرنا هذا القرآن وسهَّلناه بإنزاله بلسانك العربي -أيها الرسول- لعلَّهم يتعظون.
59 - فانتظر نصرك وهلاكهم، إنهم منتظرون هلاكك.
{مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ}
• الجمع بين العذاب الجسمي والنفسي للكافر.
• الفوز العظيم هو النجاة من النار ودخول الجنة.
• تيسير الله لفظ القرآن ومعانيه لعباده.